سورة الشعراء - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} فيه وجهان
أحدهما: الي خلقني بنعمته فهو يهدين لطاعته.
الثاني: الذي خلقني لطاعته فهو يهديني لجنته، فإن قيل فهذه صفة لجميع الخلق فكيف جعلها إبراهيم عل هدايته ولم يهتد بها غيره؟
قيل: إنما ذكرها احتجاجاً على وجوب الطاعة، لأن من أنعم وجب أن يطاع ولا يُعصى ليلتزم غيره من الطاعة ما قد التزمها، وهذا إلزام صحيح ثم فصل ذلك بتعديد نعمه عليه وعليهم فقال:
{وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينَ وَإِذَا مَرِضَتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} وهذا احتجاجاً عليهم لموافقتهم له ثم قال: {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يَحْيِينِ} وهذا قوله استدلالاً ولم يقله احتجاجاً، لأنهم خالفوه فيه، فبين لهم أن ما وافقوه عليه موجب لما خالفوه فيه.
وتجوز بعض المتعمقة في غوامض المعاني فعدل بذلك عن ظاهره إلى ما تدفعه بداهة العقول فتأول {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} أي يطعمني لذة الإيمان ويسقيني حلاوة القبول.
وفي قوله: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} وجهان:
أحدهما: إذا مرضت بمخالفته شفاني برحمته.
الثاني: مرضت بمقاساة الخلق شفاني بمشاهدة الحق.
وتأولوا قوله: {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} على ثلاثة أوجه:
أحدها: والذي يميتني بالمعاصي ويحييني بالطاعات.
الثاني: يميتني بالخوف ويحييني بالرجاء.
الثالث: يميتني بالطمع ويحييني بالقناعة. وهذه تأويلات تخرج عن حكم الاحتمال إلى جهة الاستطراف، فلذلك ذكرناها وإن كان حذفها من كتابنا أوْلى.


قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً} فيه أربعة تأويلات
أحدها: أنه اللب، قاله عكرمة.
الثاني: العلم، قاله ابن عباس.
الثالث: القرآن، قاله مجاهد.
الرابع: النبوة، قاله السدي.
ويحتمل خامساً: أنه إصابة الحق في الحكم. {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} قال عبد الرحمن بن زيد: مع الأنبياء والمؤمنين
ويحتمل وجهين:
أحدهما: بالصالحين من أصفيائك في الدنيا.
الثاني: بجزاء الصالحين في الآخرة ومجاورتهم في الجنة.
قوله تعالى: {وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: ثناء حسناً في الأمم كلها، قاله مجاهد، وقتادة، وجعله لساناً لأنه يكون باللسان.
الثاني: أن يؤمن به أهل كل ملة، قاله ليث بن أبي سليم.
الثالث: أن يجعل من ولده من يقول بالحق بعده، قاله علي بن عيسى.
ويحتمل رابعاً: أن يكون مصدقاً في جمع الملل وقد أجيب إليه.
قوله تعالى: {وَاغْفِرْ لأَبِي} الآية. في أبيه قولان:
أحدهما: أنه كان يسر الإيمان ويظهر الكفر فعلى هذا يصح الاستغفار له.
الثاني: وهو الأظهر أنه كان كافراً في الظاهر والباطن.
فعلى هذا في استغفاره له قولان:
أحدهما: أنه سأل أن يغفر له في الدنيا ولا يعاقبه فيها.
والثاني: أنه سأل أن يغفر له سيئاته التي عليه والتي تسقط بعفوه.
قوله تعالى: {بِقَلْبٍ} فيه خمسة أوجه:
أحدها: سليم من الشك، قاله مجاهد.
الثاني: سليم من الشرك، قاله الحسن، وابن زيد.
الثالث: من المعاصي، لأنه إذا سلم القلب سلمت الجوارح.
الرابع: أنه الخالص، قاله الضحاك.
الخامس: أنه الناصح في خلقه، قاله عبد الرحمن بن أبي حاتم.
ويحتمل سادساً: سليم القلب من الخوف في القيامة لما تقدم من البشرى عند المعاينة.


قوله تعالى: {فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُم وَالْغَاوُونَ} فيها أربعة أوجه
أحدها: معناه جمعوا فيها النار، قاله ابن عباس.
الثاني: طرحوا فيها على وجوههم، قاله ابن زيد، وقطرب.
الثالث: نكسوا فيها على رؤؤسهم، قاله السدي، وابن قتيبة.
الرابع: قلب بعضهم على بعض، قاله اليزيدي، قال الشاعر:
يقول لهم رسول الله لما *** قذفناهم كباكب في القَليب
{هُم وَالْغَاوُونَ} يعني الآلهة التي يعبدون
وفي الغاوين قولان:
أحدهما: المشركون، قاله ابن عباس.
الثاني: الشياطين، قاله قتادة.
{وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} فيهم قولان
أحدهما: أنهم أعوانه من الجن.
الثاني: أتباعه من الإنس.
قوله تعالى: {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ} فيهم قولان:
أحدهما: الملائكة.
الثاني: من الناس.
{وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ} فيه وجهان
أحدهما: أنه الشقيق: قاله مجاهد.
الثاني: القريب النسيب، يقال حم الشيء إذا قرب ومنه الحمى لأنها تقرب الأجل، قال قيس بن ذريح:
لعل لبنى اليوم حُمّ لقاؤها *** وببعض بلاء إِنَّ ما حُمَّ واقِعُ
وقال ابن عيسى: إنما سمي القريب حميماً لأنه يحمى بغضب صاحبه، فجعله مأخوذاً من الحمية، وقال قتادة: يذهب الله يومئذٍ مودة الصديق، ورقة الحميم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8